مسار الاستكشاف عن النفط والغاز في الأردن

 

المصدر

حسنى

توجهت الحكومة في خطتها الاستراتيجية للاعتماد على شركة البترول الوطنية والخبرات المحلية للاستكشاف والتنقيب عن النفط والغاز، وذلك بعد أن اعتمدت لسنوات مضت -ومنذ أن بدأت بعمليات الاستكشاف- على شركات أجنبية أجرت دراسات معمقة، ثم تخلت عن فكرة التنقيب في الأردن بعد ثبوت عدم جدوى كميات الإنتاج بالنسبة لها.

لم تكن المهمة سهلة أمام الحكومة الأردنية، بعد أن انسحبت شركة "بريتيش بتروليوم BP" البريطانية من السوق الأردني وتوقف استثمارها في قطاع النفط والغاز من تطوير حقل الريشة، فتولت شركة البترول الوطنية مسؤولية إعادة تقييم تلك الدراسات والمسوحات التي قامت بها شركات عالمية متخصصة، وتم وضع خطة وطنية شاملة لتطوير حقل الريشة الغازي، الذي عملت به BP بعد حصولها على امتياز العمل فيه عام 2009، وتوقفت عن عملها في عام 2014 مدعية أن "مكمن الغاز في المنطقة صغير وكميات الاحتياط فيه قليلة".

بحسب الاتفاق مع الحكومة الأردنية كان متوقعا ضمن برنامج الاستكشاف والتقييم، زيادة الإنتاج في حقل الريشة إلى الطاقة القصوى والبالغة 50 مليون قدم3 يوميا خلال فترة الثلاث سنوات التي بدأت في 1/1/2010 ،ولكن ذلك لم يحصل ولم تقم الشركة أيضا بتنفيذ البنود في برنامج الاستكشاف والتقييم، وأبرزها استصلاح واستكمال 4 آبار وتحديث وتطوير الحفارات وإعادة الدخول إلى 8 آبار، وحفر آبار جانبية وحفر 5 آبار جديدة، علما بأنه لا يوجد في الاتفاقية ما يفيد بفرض غرامات تأخير أو دفع تعويضات على الشركة البريطانية وتحميلها المسؤولية في حالة إخلالها بأي من بنود الاتفاقية.

في عام 2014 قررت شركة BP إعادة حصتها من امتياز الريشة لشريكها شركة البترول الوطنية كي تستمر في عملياتها في حقل الريشة وتفرض مستجدات على المشروع لترتفع القدرة الإنتاجية لحقل الريشة الغازي من حوالي 8 ملايين قدم3 يوميا عام 2017 إلى حوالي 30 مليون قدم3 ،ويتم حاليا العمل على رفعها إلى 50 مليون قدم3.

وزير الطاقة صالح الخرابشة كان قد صرح بأن نحو 20 مليون قدممن الغاز يجري استغلالها لتوليد الكهرباء في محطة كهرباء الريشة، فيما يجري العمل على استغلال باقي الكمية بتزويد القطاعات الإنتاجية بالغاز، مبينا أن العمل خلال عام 2022 سيتركز في حفر 6 آبار جديدة لرفع قدرة الحقل إلى 50 مليون قدميوميا.

مناطق الإنتاج والاستكشاف للنفط والغاز

المناطق التي يتواجد فيها النفط في الأردن هي: حقل حمزة في الأزرق، وأنتج تراكميا إلى الآن مليون برميل نفط في بقعة صغيرة، وحقل الريشة الذي بدأ العمل به عام 1989، وأنتج لغاية الآن ربع تريليون ممن الغاز ، وفق تصريحات م. محمد الخصاونة مدير شركة البترول الوطنية لـ حسنى، والمنطقة الثالثة هي السرحان والجفر، بناء على معلومات تشير إلى إمكانية وجود كميات من البترول حسب مسوحات قامت بها شركة هندية ولم يتم تحليل تلك البيانات منذ عام 2012، حيث قامت شركة البترول الوطنية بإعادة تحليل تلك البيانات وتوصلت إلى قناعة باحتمالية وجود البترول والغاز في تلك المناطق.

حقل غاز الريشة: يقع حقل الريشة الغازي في شمال شرق الأردن بمحاذاة الحدود العراق، وقد تم حفر 53 بئرا في المنطقة بمتوسط قدرة إنتاجية تبلغ 27 مليون قدميوميا مع نهاية عام 2020 ويتم إنتاج الكهرباء باستخدام غاز الريشة في الموقع، وبلغ الإنتاج التراكمي منذ 1989 إلى 2019 حوالي 8.223 مليار قدموهناك خطة عمل لحفر المزيد من الآبار لرفع الإنتاج في حقل الريشة.

حقل حمزة النفطي: يقع حقل حمزة في الجزء الشمالي من الأردن ويغطي 363 كلم2 وينتج النفط من خزانين متصدعين، مما يعزز إنتاج النفط متوسط الكثافة الخالي من الكبريت وذلك من أربعة آبار منتجة في المنطقة وينتج حقل حمزة النفط من خلال 19 بئرا، وتجاوز الإنتاج التراكمي للنفط  المليون برميل.

الجفر والسرحان: تم تحديد مؤشرات بعد تحليل البيانات الجيولوجية المتوفرة من دراسات سابقة، على إمكانية وجود النفط، حيث ستبدأ وزارة الطاقة والثروة المعدنية بالتنقيب عن النفط اعتبارا من شهر شباط المقبل، بحيث تصبح المنطقة الثالثة إلى جانب حقلي حمزة النفطي والريشة الغازي، لتكون هذه الحقول مناطق عمل لمزيد من الاكتشافات النفطية في الأردن.

إعادة استكشاف مناطق بالسرحان والجفر

يؤكد مدير عام شركة البترول الوطنية م. محمد الخصاونة لـ حسنى، أن شركة البترول الأردنية بكوادرها المحلية تقوم بإعادة استكشاف منطقة السرحان والجفر، بناء على دراسات ومعلومات سابقة قامت بها شركات متعددة، "حيث أعدنا تحليل جزء كبير من المعلومات ووجدنا فيها معلومات جيدة تساعدنا على البدء بعملية الإنتاج"،وفق قوله.

ويتم العمل ما بين شركة البترول ووزارة الطاقة لتحديث المعلومات المتعلقة بالكشف عن البترول في معظم المناطق منها حقل الريشة الذي تم العمل به من جديد لدراسة الطبقات المشابهة التي يمكن أن يكتشف فيها كميات من البترول، حيث أكد الخصاونة أن بعض الاستكشافات البترولية في السابق لم يتم تحليلها، إلى جانب وجود شواهد ودلائل إنتاجية مثل حقل السرحان (4)، الذي أنتج كميات بنوعية جيدة، لافتا إلى أن أي أرباح من بيع المنتجات النفطية والغاز  تعود لصالح خزينة الدولة، علما بأن شركة البترول الوطنية مملوكة بالكامل للحكومة وتكون إيرادات الشركة من الخدمات (غير التنقيبية) التي تقدمها بالإضافة إلى أرباح تقع مابين 6-15% من الأعمال التنقيبية حسب مبدأ الكلفة زائد Cost Plus.

وقال الخصاونة إننا بانتظار قرار من الحكومة لمنحنا حق التنقيب عن النفط في منطقتي السرحان والجفر.

وزارة الطاقة ستعتمد على كوادر وطنية بالاستكشاف والتنقيب

وزير الطاقة والثروة المعدنية صالح الخرابشة أكد في تصريحات صحفية أن الوزارة ستعتمد بشكل رئيسي على كوادر وطنية في جهود الاستكشاف والتنقيب عن النفط والغاز في المملكة، فيما تقوم شركات عالمية متخصصة ذات خبرة بمعالجة البيانات المتوفرة وتحليلها.

وترتكز الوزارة وفقا للخرابشة، على قاعدة بيانات تتضمن مسوحات زلزالية ثنائية وثلاثية الأبعاد لبعض المناطق تم معالجتها سابقا ببرمجيات غير متطورة مقارنة بالبرمجيات الحالية ما يستدعي ترجمة هذه المسوحات إلى معلومات من الممكن أن تساعد في الاستكشاف والتنقيب عن النفط والغاز في هذه المناطق.

وقال الوزير: آن الأوان لبناء القدرات الوطنية بالاعتماد على البيانات المتوفرة والبرمجيات وسبل معالجة البيانات الخام والتي تطورت خلال السنوات القليلة الماضية، منوها أن البيانات المتوفرة في منطقتي السرحان والجفر يجري معالجتها من قبل شركة البترول الوطنية بالتعاون مع إحدى الشركات العالمية،" والمؤشرات الأولية جيدة والتي ستسندها عملية الحفر التي لا بد منها للتأكد من محتوى الطبقات حول وجود نفط أو غاز والتي ستبدأ في شباط المقبل".

وبحسب الدراسات الجيولوجية فإن الطبقات الأرضية المنتجة للبترول ثبت وجودها في الأردن، وفقا للخصاونة، الذي أوضح أنه تم عمل مسوحات تم فيها تتبع الطبقات الجيولوجية، كما تم تنفيذ مسوحات ضخمة وعلى مساحة خمسة آلاف كلم، ويمكن الاستفادة منها في تحديد أماكن تواجد النفط، إذ أن معظم المناطق تم إجراء مسوحات فيها في شمال الأردن وفي منطقة البحر الميت.

وأشار إلى أن عدد الموظفين في شركة البترول الوطنية يصل إلى نحو مائتي موظف، 70% منهم يعملون ميدانيا، مؤكدا وجود خبرات فنية عالية إلى جانب المعدات والمواد الفنية التي تساعد في عملية التنقيب والحفر، إذ أن الآبار التي تم استكشافها مؤخرا تم تنفيذها من خلال العاملين في الشركة وبوقت وكلفة قياسيتين.

المسوحات إيجابية ومبشرة

وقال الخصاونة إن المسوحات إيجابية ومبشرة وخاصة أن العمر الجيولوجي لمنطقتي السرحان والجفر يشابه لحد كبير حقل الريشة ويعزز الثقة بوجود الغاز والنفط في الأردن كما أن أقرب اكتشاف نفطي سعودي بعيد عن حدودنا 400 كلم.

وأضاف بأن لدينا خطة واضحة طويلة الأمد وقصيرة الأمد، وتسيران معا لتطوير حقل الريشة واستغلال الغاز، لافتا إلى أن مبيعاتنا اليومية من الغاز في حقل الريشة تصل يوميا إلى 20 مليون م3، وهي كامل الطاقة الإنتاجية للحقل.

ويعتبر الخصاونة أن فرص الإنتاج المستقبلية مشجعة، "إذ لدينا خمس مذكرات تفاهم مع شركات لتحويل الغاز ونقله إلى وسط الأردن كبديل للغاز المستورد، بحيث يتم نقل الغاز المسال والمضغوط وبيعه إلى الشركات والمصانع التي تستخدم مثل هذه المواد بأعمالها، مع وضع حد أعلى وحد أدنى وبما يضمن ثبات السعر في حال ارتفاع الأسعار عالميا، لكن على جميع الأحوال تكون الأسعار مشجعة"، متوقعا أن يكون الحد الأدنى سعره 3 دولارات لكل مليون وحدة حرارية بريطانية، والحد الأعلى يصل إلى سعر 6 دولارات لكل مليون وحدة حرارية بريطانية.

الأردن غني بالثروات الطبيعية

تؤكد وزارة الطاقة أن الاستكشافات عن النفط والغاز، تثبت أن الأردن غني بالثروات الطبيعية التي ستحظى بالاهتمام للاستفادة منها في رفد الاقتصاد الوطني بقيمة مضافة ورفع مساهمتها في الناتج المحلي الإجمالي، وأنه من الأهمية استغلال هذه الثروات وضرورة استقطاب الاستثمارات والاستفادة من التطور التكنولوجي الذي يشهده قطاع الاستكشاف والتعدين العالمي.

برامج لزيادة الإنتاج النفطي والغازي

وتقوم وزارة الطاقة حاليا بمتابعة برنامج العمل المعد لحقل حمزة لزيادة الإنتاج من خلال حفر 3آبار عميقة، ويتوقع أن يبدأ الحفر في شهر آب من العام المقبل وسوف يستغرق 12 شهرا، حيث يتم حاليا تحليل المعلومات الزلزالية الخاصة بالمنطقة لتحديد مواقع الآبار ، كما سيتم إعادة الدخول إلى بئرين محفورين سابقا لمعرفة إمكانية قدرتهما على الإنتاج.

كما تعمل الوزارة على إجراء دراسة تفصيلية لمنطقة شرق الجفر تجري حاليا لحفر 3 آبار متوسطة العمق في حال أثبتت الدراسات ذلك وبالتعاون مع شركة البترول الوطنية.

وفي حال تم الإنتاج للغاز والبترول في الأردن خلال العامين المقبلين بالكميات المتوقعة، فإنها ستخفف من تكاليف الاستيراد، وخاصة ما يتعلق باستيراد الغاز من دول أخرى، حيث أشار الخصاونة إلى أن أسعار الغاز التي نحصل عليها من الدول المجاورة فهي أسعار مرتبطة باتفاقيات طويلة الأمد، معتقدا أنها أقل من 12 دولارا ، وتقدم الأسعار محفزة للصناعات المحلية.

وأكد الخصاونة أن الأردن يعمل على زيادة كميات الإنتاج للغاز للاستفادة منها في المشاريع، إلى جانب السعي لإنتاج فائض من الغاز ما بين 12 إلى 15 مليون قدموهي كميات تضمن استمرارية الإنتاج.

 وأضاف "أن تعظيم قيمة الغاز الطبيعي المستخرج من أرضنا من خلال إدخاله في الصناعات البتروكيماويات وصناعة الأسمدة وقد عقدنا عدّة نقاشات وحوارات مع القطاعات الصناعية والتجارية بهذا الخصوص".